Tuesday, September 21, 2010

تساؤلات لم تأت من فراغ



في أحيان متقطعة من صباحات متكررة، تعبث يدي بآيبود السيارة باحثا عن أغنية "وطن النهار" للمخضرم عبدالكريم عبدالقادر لأملأ بها مسامعي، سامحا للحنها بالتسلل لذاكرتي في محاولة لاستحضار ماض جميل أثير به أشجاني .. ماض عشته وعاشه أغلب أبناء هذا الوطن بغض النظر عن الحادثة التي تسببت في إنتاج هذه الأغنية .. ذلك الماضي الذي كان فيه الكويتي كويتياً .. ذلك الماضي الذي علمنا كيف نكون يدا واحدة .. ماض تلقينا على يديه درسا قاسيا في الوطنية .. ماض أعاد اللحمة و التماسك لأبناء الكويت .. تلك الفترة التي عشنا فيها لحظات التعمير بعد التدمير .. لم يكن في ذلك الوقت في قلوب الناس إلا الكويت ..
لا أبالغ إن قلت أني أفكر في كل صبيحة يوم في حال هذا البلد و ما آل إليه و ما سيئول إليه في المستقبل .. سامحوني إن قلت أن النظرة سوداوية في ظل هذه الظروف التي تعيشها الكويت .. كيف  لا و حالنا اليوم لا يبشر بخير .. فرقة و تشتت و تشرذم و فتن كقطع الليل المظلم .. و مجلس الشعب .. مجلس الأمة .. حلبة لمصارعة الثيران .. لا أدري من هو "المتادور" و من هو الثور و من هو الجمهور؟

كتب المدون مطقوق سلسلة مقالات في مدونته أسماها "إلى الأرض" والذي بدوره وصف المقال بـ "محاولة بسيطة جدا للحديث عن مصير الأرض , عن مستقبل الوطن , عن الكويت بـكل ما تعانيه من هموم و مشاكل" .. و منذ ذلك الحين و أنا أتابع نشر السلسلة بشكل دوري ليس لمعرفة إجابة للتساؤلات التي تدور في رأسي عن مستقبل هذه الأرض وإنما لإحساسي بوجود هم مشترك .. هم مستقبل هذه الأرض و التفكير بما سيحدث للكويت في ظل هذه التداعيات .. و لا أخفيكم سرا أني بدأت أقلق جدا بعد أن قرأت الحلقة رقم 11 وهي عبارة عن إقتباسات منقولة مباشرة من تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الأمة في العام 1992.

هذا القلق لم يأت من فراغ أبدا، أصبح جليا لكل مواطن أن يستشعر مدى الفشل الذريع الذي وصلت له الكويت في معظم المجالات و المستويات .. إجتماعية كانت أم تربوية أم تعليمية أم رياضية أم سياسية، و قلقي هذا يتزايد بمجرد معرفتي بأن الواقع ما هو إلا نسخة مكررة بل أشد سوادا قليلا من الماضي الذي ذكره التقرير .. ألم تتعامى الحكومة و تصم آذانها في أحلك الظروف آنذاك و تدفن رأسها في الرمال و لسانها حالها "ماكو إلا االعافية" .. "و هونها وتهون" و المشكلة أن جميع المؤشرات كانت تدل على أن هناك خطرا وشيكا يهدد أمن الكويت!؟ قلقي و تساؤلاتي الحالية تعكس فهما لتلك الحالة المزرية من اللامبالاة بمصير هذه الأرض و هذا الشعب .. تلك الحالة التي و للأسف أعيشها و يعيشها غيري و يتلمسونها بأيديهم .. فما الفرق إذا بين سنة 1990 و سنة 2010!؟ أنا لا أحاول ادعاء أن هناك خطرا وشيكا يتربص بالكويت بشكل مباشر .. لكني أردت أن ألفت نظر القارئ إلى السؤال التالي:

ما الذي سيمنع تكرار مصيبة مثل الغزو أو ما شابهها إذا علمنا أن من بيده القرار لم يع الدرس و لم يتعلم منه إطلاقا!؟

المشكلة في المسئولين عن كويتنا هو التغافل العمد و الغير عمد أحيانا عن المشاكل الداخلية و تركها لتكبر دون وئدها في مهدها .. كثير من كرات الثلج بدأت صغيرة جدا كان يكفي لمضرب "بينج بونج" أن يردها .. لكن بعد أن يتركها المسئولون عن هذا البلد لتتدحرج بلا عوائق تذكر، فإن بإمكانها أن تسبب انهيارا ثلجيا يطمس معالم مدينة !!

مثال قريب: اختراق جبهتنا الداخلية من قبل إيران .. فاكتشاف شبكة التجسس التي تم نشر أخبارها في الصحف المحلية قبل شهور دليل واضح على ذلك .. و أتوقع لو لم يكن للصحافة في هذا الوقت كل هذه الوسائل المتاحة من الاتصالات و التي من المتعذر في وجودها إخفاء همسة، لما عرف معظم شعب الكويت عن هذه المصيبة و لظلوا في نجرتهم اليومية يعمهون بسبب سياسة الدولة في التطمطم و إغلاق الملفات بسرعة و ختمها بـ "ماكو إلا العافية" و كأن شيئا لم يكن! .. الشاهد من هذا المثال .. أين التحرك الحكومي الآن من تلك القضية!؟ أين التدابير الاحترازية و الأمنية التي تمنع أو تقلل مثل هذا الاختراق؟ هل سمعتم بنقاش يدور حول الأمن الداخلي هذه الأيام مقارنة بحديث عهدنا بالحادثة!؟ طبعا لأ .. و يظل المواطن الحريص الخائف على مستقبل وطنه في حيرة من أمره .. تساؤلات عدة عن مصير ديرتنا .. لكن بلا جواب !!

سؤال بريء .. بعد أن أقر مجلس الوزراء سحب جنسية الخسيس الهارب مثير الفتنة صاحب المنهج التكفيري .. هل تم حل مشكلة الطائفية في الكويت!؟ الوضع أشبه ببيت الشاعر:

أرى تحتَ الرمادِ وميضَ نارٍ .. و يوشكُ أن يكونَ لها ضرامُ