Monday, August 02, 2010

! نعم أتذكر

استيقظت باكرا كعادتي في عطلة نهاية الأسبوع يوم الخميس .. و كعادتي أيضا .. أنتظر أن تبدأ برامج تلفزيون الكويت و التي إن لم تخني الذاكرة كانت تبدأ في الساعة 9 ص بالنشيد الوطني الطويــــــــــل ..

كنت أنتظر الشاشة الملونة أن تختفي مؤذنة بابتداء البث ..



و لكن عبثا انتظرت !! هناك أمر ما .. لمَ تأخر البث هكذا .. مرت دقائق و دقائق قبل أن أذهب لأخبر أمي بالموضوع ..

خالد: يما متى يفتح التلفزيون !؟
أمي - بارتباك - : ماكو تلفزيون .. خالد

إلى الآن أتذكر جيدا كيف كانت مرتبكة و هي تلبس حجابها و عباتها و تضع أغراضها اليومية في جنطتها و بسرعة غير اعتيادية .. إلى الآن أذكر تفاصيل الغرفة التي كنا فيها .. إلى الآن أذكر بيتنا الذي قُصف خطأً أيام الضربة الجوية فصار قاعاً صفصفاً لا ترى فيه عوجا و لا أمتا .. !!

خالد: ليش يما .. ليش ماكو تلفزيون .. الساعة 9 يحطون البباي !!
أمي: العراق دشت الكويت
خالد: شنو يعني !؟
أمي: الجيش العراقي دش الكويت .. غزونا

كنت أفكر ماذا يعني كل هذا !!

خالد: ليش تلبسين؟
أمي: بنروح إلى بيت يدك .. الكل متيمع هناك
خالد: هياااااا :) فلان و فلان و فلان و فلانة هناك :)))؟

لم أكن قد استوعبت الموقف بعد .. فماذا يعنيني وأنا ابن عشر سنين أن أسمع أن العراق بجيشه الغاشم قد غزا الكويت !!

في بيت جدي .. الكل موجود .. عمامي و عماتي و عيالهم .. و بدأت أتلقف الأخبار من هنا و هناك .. و انقشعت الغيوم التي حجبت رؤيتي و استيعابي لمعنى الغزو ..

رأيت الأوغاد عند نقاط التفتيش ..
رأيتهم يسرحون و يمرحون في الفرجان ..
رأيت المتاريس و الأسلاك الشائكة عند نقاط التفتيش ..
رأيت البيوت التي تحولت إلى نقاط سيطرة بعد تحطيم شبابيكها و استبدالها بطابوق ..
رأيت الخنادق ..
رأيت الدبابات و الآليات الثقيلة في الخطوط السريعة !!
رأيت الأزياء العسكرية العفنة ..
استمعت لصوت الجندي العراقي النشاز عند نقاط التفتيش ..
استمعت و شاركت بالتكبير على أسطح المنازل ..
رأيت الطلقات الحمراء التي شقت سكون الليل و أضاءته ..
قرأت عبارات التنديد بالغزو العراقي على حوائط المدارس ..
ركبت السيارة مع والدي وكان قد أخفى صور أحد أقربائي العسكريين معه و أحسست بأن ما نفعله خطر جدا خصوصا عند توقفنا للتفتيش ..
رأيت بعيني الشباب وهم يوزعون الأكل و البسكوت و الحلويات و الككاو على البيوت ..
عايشت لحظات خروج أهل الفريج من منازلهم للتجمع في سرداب أحد الجيران بعد ما دوت أصوات انفجارات و نيران
عايشت لحظات الإرهاب حين حاول أهلنا الخروج من الكويت من حدود المملكة العربية السعودية .. ناس طافوا و احنا ردونا على أصوات الرشاشات .. و هكذا افترقنا طيلة أشهر الغزو !!
بعد ثلاثة أشهر .. تمكنا من الخروج

لن ننسى

11 comments:

Mohammad Al-Yousifi said...

:)

ليش ردوكم من عالحدود؟

moayad said...

الطفولة انكسرت في ذلك اليوم ، من بعد ما كنا ننتظر الرسوم المتحركة بالتلفزيون صرنا ننتظر أخبار الاستعدادات العسكرية !

Seema* said...

مشهد مؤلم!

مَـــــعْــــمَــــعَـــــه said...

مستحيل ننسى ذكريات أليمه وايام صعبه عشناها الله لا يردها

بالفعل اول يوم لم نستوعب معنى الغزو ولكن صوت الطيارات العسكريه مخيف الوجوه حزينه سبحان الله بأقل من 8 ساعات ينقلب الفرح الى حزن ووو

Catism القطويّة said...

تنذكر وما تنعاد :"(

على فكرة،
أسلوبك الأدبي جميل جدا في هذه التدوينة؛ قرأتها مرتين. :)

تحياتي.

Catism القطويّة said...

كيف خرجتم بعد ثلاثة أشهر؟ عن طريق البر؟
نحن خرجنا بعد أسبوعين وكانت الطرق الرسمية مغلقة، فهربنا عن طريق الصحراء. كانت رحلة مخيفة!

Kuw_Son said...

ma6goog

نحاسة

Moayad

والله حولت أتابع تلفزيون العراق .. يحطون كاليميرو
:P

Seema

فعلا

Kuw_Son said...

معمعة

لن ننسى .. فهذه الذكريات محفورة في الذاكرة ..

Catism

شكرا على مروروك الكريم .. و شهادة أعتز بها من أديبة :)

خرجنا عن طريق البر بعد أن تنامى إلى علمنا أن الجيش العراقي سمح بمغادرة الأهالي عن طريق منفذ الخفجي .. و حاولنا في المرة الأولى لكن لا نعرف مالذي غير رأيهم بعد أن مرروا الكثير من السيارات .. و بعد أن وصل دورنا .. ردونا و جميع الناس الذين كانوا في الانتظار !

و حاولنا في اليوم التالي و تسهلت

فريج سعود said...

ادعوا لنا نحرر مكة الأسيرة بسواعدنا


هذه الكلمات الخالدة من اقوال جندي عراقي خكري كان يقف بأول الفريج

Unknown said...

لم نَعِش أحداث هذه المأساة معكم ..

لكن عايشناها بطريقة أخرى ..

الكل مستنفر حولنا وخائف من انقضاض قذيفة على منزله بالخطأ ..

الكل خائف من وصول انبعاثات الانفجارات والغازات السامة إليه ..

فقاموا الناس يلزقون "درايش" البيت كلها خوفاً من تسرب الغازات !!

الجمعيات التعاونية أصبحت خالية من أي مواد تموينية !!

الناس شاحنين أكل يكفيهم لمدة شهور !!

الغريب أنه الوالدة لا لزقت البيت ولا شحنت أكل ولا سوت شي من هالقبيل ..


اللي أتذكره كذلك ..

توافد العائلات الكويتية إلى الإمارات ..

تم تقسيم العوائل الكويتية على العوائل الإماراتية ..

أذكر اللي يووا بيتنا .. زوجة الدكتور عبدالله النفيسي السابقة وعيالها ..

لا أذكر الكثير من التفاصيل لأني كنت حينها في الخامسة أو السادسة من عمري ..

كانت ذكريات جميلة لنا .. نحن كعائلة مستضيفة ..

‫ولكنها بالطبع ذكرى مؤلمة لكم !! ‬

‫الحادثة كانت قدراً وحكمة أرادها الله سبحانه تعالى .. ‬

‫نسأل الله أن يحفظنا وإياكم من مكر الأعداء وكيدهم ..‬

قـلـم رصـاص said...

لن ننسى غدر الجار العربي المسلم بجاره العربي المسلم
لن ننسى 7 أشهر من الظلم والقهر والطغيان البعثي
لن ننسى أصوات المدافع والقصف فوق رؤوسنا
لن ننسى شهدائنا الأطهار الذين دفعوا أرواحهم فداء الوطن
لن ننسى الإعتقال والتعذيب والقتل والتشريد والإهانة بحقنا
لن ننسى هدم مبانينا وحرق نفطنا وتدمير بيئتنا
لن ننسى دموع أميرنا الراحل في الأمم المتحدة
لن ننسى وحدة شعب تجسدت بأروع وأسمى معانيها
لن ننسى إلتفاف شعبنا حول قيادته الشرعية
لن ننسى جابر الخير وسعد الكويت ومساعيهم لتحرير وطننا
لن ننسى رجال الكويت المقاومين للإحتلال والمرخصين لأرواحهم
لن ننسى نساء الكويت المتظاهرين بوجه المحتلين
لن ننسى وقفة الشرفاء بالعالم الحر للدفاع عن حقنا في أرضنا
لن ننسى أهلنا أهل الخليج في تجسيدهم لمعنى الأخوة والخليج الواحد
لم ننسى و لن ننسى 2 أغسطس 1990 ... الى يوم الدين